"ابتعد عن الأشخاص الذين يحاولون التقليل من طموحاتك بينما الناس العظماء
هم الذين يشعرونك أنك باستطاعتك أن تصبح واحداً منهم" كانت هذه الكلمات
بمثابة الوصية الأخيرة التي كتبها الراحل إبراهيم الفقي على حسابه الخاص
بموقع “تويتر” قبل ساعات قليلة من رحيله، حتى أنه أوصى أصدقاءه بإعادة
نشرها مرة آخرى، وكأنه كان يعرف مصيره الذي ينتظره فأراد أن يحمل رسالة إلى
الجميع يدعو من خلالها الجميع بالتمسك بطموحاته أيا كانت صعوبة تحقيقها
بحسب صحيفة الأهرام المصرية.
كما قال عش هذه اللحظة كأنها آخر لحظة, عش بحبك لله عز وجل , عش بالتطبع
بأخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام , عش بالأمل , عش بالكفاح , عش بالصبر
عش بالحب , وقدر قيمة الحياة .
بعوضة تافهة تضع بيضها على الماء فنكتشف حينما ننظر أن كل بيضة لها كيسان للطفو من علم البعوضة قوانين أرشميدس لتصنع هذه الأكياس الهوائية لتعويم بيضها على الماء؟ أشجار الصحارى و هي تنثر بذورها.. فإذا لكل بذرة أجنحة من علم الأشجار قوانين الحمل الهوائي؟ و كيف أدركت تلك الأشجار التي بلا عقل أن على بذورها أن تقطع مئات و آلاف الأميال في الصحارى بحثا عن ماء فزودتها بهذه الأجنحة؟ من علم الكتكوت أن يدق بمنقاره على أضعف مكان في البيضة ليخرج؟ من علم الحشرات فنون التنكر فراحت تتلون بألوان بيئاتها لتختفي عن الأنظار؟ من علم النحل قوانين العمارة لتبني هذه البيوت السداسية الدقيقة الجميلة من الشمع بدون آلات حاسبة و بدون مسطرة؟ من يهدي الطيور في رحلة الهجرة السنوية من نصف الكرة الأرضية إلى نصفها الآخر بدون بوصلة و بدون رادار.. عائدة إلى أوكارها؟ و مثلها الأسماك التي تهاجر عبر المحيطات و البحار لتضع بيضها
أنا تريزياس
رجل عجوز بضلعين متغاضنين
رأيت المشهد وتنبأت بالبقية
أنا الذي جلست قرب طيبة بظل جدار
ومشيت بين الأدنى من الاموات
حيث يهجع السماكون في الظهيرة
على ما تراني أحتج
أنا لا أقدر أن اربط أي شيء بأي شيء
قومي أناس ساكنون
لا يتوقعون أى شيء
سوى ان مشعلي الحرائق جاهزون
يجهزون لنا جحيمنا المستعر
**********************
قصة المسرحية
هاملت، أمير الدنمارك
الذي يظهر له شبح أبيه الملك (اسمه هاملت أيضاً) في ليلة ويطلب منه
الانتقام لمقتله، وينجح هاملت في نهاية الأمر بعد تصفية العائلة في سلسلة
تراجيدية من الأحداث، ويصاب هو نفسه بجرح قاتل من سيف مسموم جدا.
تكمن مشكلته في التأكد من حقيقة الشبح، هل كان أبوه من طلب منه بالفعل
الانتقام أم شيطان ماكر تهيأله في صورة أبيه، ومن حقيقة مصرع أبيه علي يد
عمه (كلوديوس) الملك الحالي لبلد الدنمارك الذي تزوج أمه (جرترود)
وهي الزوجة التي كانت تعتبر آثمة وغير شرعية في زمن شكسبير وتموت أوفيليا
حزينة ملكومه بعد أن يصيبها الجنون بأن أغرقت نفسها بعد مصرع أباها علي يد
هاملت بالخطأ بعد أن كان يتصنت متخفياً خلف أستار علي حوار بين هاملت وأمه
حول مقتل أبيه وزواجها الآثم من عمه الملك الحالي ثم كان يريد أخو أوفيليا
محاربة هاملت للانتقام منه لاجل اخته وابيه فتقاتلا امام كولوديوس وامام
الجميع فقام عمه بإعطاء كاس فيه مشروب لذيذ للفائز ووضع فيه السم لانه يعرف
ان هاملت سوف يفوز.
تموت جرترود (جزاء علي علاقتها الآثمة) بعد أن شربت بالخطأ
نبيذاً مسموماً وضع أساسا ليشربه هاملت فقام هاملت بعد فوزه بقتل عمه فقطع
ذراعيه ووضع السم في فم عمه. هاملت يجرحه لارتيس أثناء استراحة المبارزة بينهما غدرا, لعلمه
مسبقا بان السيف مسموم بحسب اتفاق كلوديوس مع لارتيس علي تصفية هاملت
نهائيا. أوفيليا، حبيبة هاملت، الفتاة الرقيقة التي لا يبارك أباها
علاقتها بهاملت، تتأذي كثيراً من هاملت بعد أن ادعي الجنون وأنه لا يعرفها
(في محاولته لكشف حقيقة مقتل والده وذلك حتي يخفي نواياه بالانتقام حتي
يتأكد من الحقيقة)
كيفية اكتشاف هاملت خيانة عمه كلوديوس؟ اقام هاملت حفل بمناسبة مرور عام
علي زواج عمه من امه وتتويج عمه كملكا علي الدنمارك وعرض في هذا الحفل قصة
الخيانة التي عرفها بواسطة شبح ابيه وظهر علي عمه التوتر وذهب عمه وترك
الحفل ومن هنا تاكد هاملت من خيانة عمه كلوديوس وقرر الانتقام منه.
يخوض هاملت الأب ـ ملك الدانمارك ـ حرباً قاسية ضد ملك النرويج ، و تطول الحرب بينهما ، فيتفق الطرفان على إنهائها بمبارزة فرسان بين الملكين تعهدا بأن يؤول في نهايتها ملك المملكتين ( الدانمارك و النرويج ) للملك المنتصر .
و ينقشع غبار المبارزة عن انتصار هاملت ملك الدانمارك و مقتل ملك النرويج , و يخضع ملك النرويج الجديد شقيق الملك القتيل لشروط المبارزة و يأتمر بأمر ملك الدانمارك .
لكن الملك المنتصر هاملت لا يعيش طويلاً لأن أخاه الطامع في ملكه قد خطّط لقتله بطريقة لا يمكن أن يكتشف أسرارها احد ،
و نفذّ الأخ خطته بسكب السم في أذن أخيه و هو نائم في حديقته ، ثمّ أخذ بنسج خيوطه حول أرملة أخيه التي استجابت لرغبته بالزواج ، و تُقام مراسم الزواج بعد مرور شهرين من مقتل الملك هاملت الأب .
و يثور غضب هاملت الابن لزواج أمه من عمّه ، و يُجّن جنونه لأنه رأى في ذلك عملاً مشينا يشير إلى عدم وفاء أمه لذكرى أبيه ، كما يرى فيها تعبيراً عن رضوخها و انسياقها لشهواتها و غرائزها ، فيوجّه إليها و إلى عمّه سهام سخطه ، و يصبّ عليهما جام غضبه و حنقه حتى بدا لمن يراه كالمجنون ، ثمّ كأن فكرة الجنون قد راقت له فأخذ يلعب دور المجنون بإتقان و نجاح .
لكن روح الملك المقتول المظلوم لا ترتاح و لن ترتاح حتى ينال المجرم عقابه فيتسلل شبحه إلى القصـــــــر منتصف كل ليلة يطوف في جنباته باحثاً عن الخلاص .
و يرى عددٌ من جنودِ القصر و حراسِه شبحاً يطوف في جنباته ، و يثيرهم الشبه الواضح بينه و بين ملكهم السابق فيحاولون التقرّب منه و التحدّث إليه لكن محاولاتهم باءت بالفشل ، فالشبح لم يفصح عن نفسه و لم ينبس ببنت شفة ، مما اضطرهم لإخبار هوراثيو أحد ضباط القصر المخلصين و صديق هاملت .
و عند منتصف الليل ينتظر هاملت و أصدقاؤه الشبح الذي لم يتأخر عن الظهور ، و يعرف هاملت أنه شبح والده فيطلب منه شرحاً أو توضيحاً ، و يمتنع الشبح عن الرد و يكتفي بإشارة تطلب من هاملت أن يتبعه ، و ما إن انفردا حتى أخبر الملك الشبح ابنه بقصة قتله على يد أخيه ، و طلب منه أن يثأر له من عمّــــه دون أن يمّس أمَّه بسوء .
و تترسخ فكرة الانتقام في رأس هاملت فيقرر البدء في التخطيط لها ، فيخبر هوراثيو بقصة الشبح أولاً ، و ينال موافقته على مساعدته في تنفيذ انتقامه ، و يرى هاملت أن قصة جنونه ستخدمه فيتظاهر بالجنون أكثر فأكثر .
و يحتار كل من في القصر ـ بمن فيهم الملك و الملكة ـ في تفسير نوبات الجنون الهستيرية التي تنتاب هاملت ، و قد أرجعها البعض إلى حزنه الشديد لموت أبيه ، بينما أرجعها قسم آخر إلى ما أصابه من حبّ أوفيليا ابنة بولونيوس آمر البلاط الملكي ، إذ لا يخفى على أحد أن هاملت يحبّ أوفيليا حباً شديداً ، و كانت الفتاة تبادله الحب ، لكنها كانت حائرة بين مشاعرها تجاهه و حبّها له و بين وصايا أبيها و أخيها ليرتس ( الذي يدرس خارج البلاد ) اللذين طلبا منها صدّ هاملت و عدم الانجرار وراء عاطفتها تجاهه ، لأنها ما إن تقع أسيرة حبّه و رغباته حتى يلحق العار بها ثمّ يهجرها .
و تصل بلاط الدانمارك أخبار تفيد أن فورتنبراس ابن ملك النرويج السابق ( و الذي قتله هاملت الأب في المبارزة ) قد بدأ بجمع جنوده و قوّاته لمهاجمة الدانمارك ، فيسارع الملك إلى إرســــال الرســل لملك النرويج لكبح جماح ابن أخيه ، و يفلح الرسل في التوصل إلى اتفاق يقضي باستمرار الوضع على ما هوعليه شريطة أن يسمح الدانماركيون بعبور القوات النرويجية التي ســتتوجه إلى بولونيا لإخضاعها و تقاضي الجزية من ملكها .
و ما إن فرغ الملك من مشكلة النرويج حتى تفرّغ لهاملت ، و بدأ يحيك المؤامرات لقتله و التخلص منه ، لأن الوقائع و الأحداث تؤكد له أن هاملت يكاد يتيقن بانه قاتل أبيه ، و أن سرّه قد كُشف ، و لا تغيب تلك الشكوك عن ذهن هاملت فيوغل في التظاهر بالجنون أكثر فأكثر .
و يستغل هاملت مرور فرقة ممثلين جوّالين فيطلب منهم تأدية مقطع مسرحي أعدّه ، و دعا الملك و الملكة و الحاشية لحضوره ، كما طلب هاملت من صديقه هوراثيو مراقبة الملك و ما يطرأ على وجهه من تغيرات أثناء العرض .
و يبدأ العرض و يدرك الملك انه تمثيل لحادثة قتله لأخيه ، فارتاع الملك و غادر المسرح غاضباً فتأكّـد هاملت من رواية الشبح و يقرّر قتل عمّه دون تردّد عندما تسنح له الفرصة.
و تحتار الملكة فيما يجب أن تفعله فيقترح بولونيوس أن تطلب الملكة من هاملت الحضور لغرفتها لتستوضح أمر المسرحية ، فيحضر هاملت بينما يختبئ بولونيوس خلف الستارة . و يحتدم النقاش بين هاملت و أمه و يجرح مشاعرها أمه ، إذ اتهمها بأنها ارتمت في أحضان عمّه استجابة لشهوتها ، و يخيّل إليها أنه سيقتلها فتصرخ طالبة النجدة ، و ردّد بولونيوس المختبئ طلب النجدة فتحين الفرصة لهاملت فيغمد سيفه في جسد بولونيوس و يقتله مدّعياً أنه رأى جرذاً خلف الستارة .
و يأمر الملك بأن يدفن بولونيوس بسرعة دون مراسم تليق به .
و يرى الملك أن أفضل وسيلة للتخلص من هاملت تكون في إرساله إلى إنكلترة بحجة العلاج و يحمِّل الضابطين المرافقين له رسالة إلى ملك إنكلترة التابع له يطلب منه فيها أن يسرع في قتل هاملت إذا وصلته رسالته .
و يبحر هاملت مع الضابطين لكنه يتفطّن إلى المكيدة التي ربما نصبها له عمّه فيغافل الضابطين و يطلّع على الرسالة فيستبدلها برسالة أخرى يطلب فيها من ملك إنكلترة قتل حاملَي الرسالة ، ثم يقفل عائداً باتجاه الدانمارك و يرسل الرسل إلى عمّه ليخبره بعودته .
و يصل هاملت إلى الدانمارك و في رحلة العودة إلى القصر يلتقي بفورتنبراس الذي يقود الجيش النرويجي المتوجه إلى بولونيا لإخضاعها .
في تلك الفترة و أثناء غياب هاملت يصل ليرتس ابن بولونيوس إلى الدانمارك ليثأر لقتل أبيه ، و ينال مؤازرة عدد كبير من الدانماركيين فيعلن الثورة على ملكها و يقتحم القصر الملكي . لكن الملك بحكمته و دهائه يمتصّ غضب ليرتس و يقنعه أن هاملت هو قاتل أبيه ، و أنّ عليه الاقتصاص من هاملت لا من غيره ، و يؤكّد له أن الفرصة ستسنح له عند عودة هاملت .
و بينما هم كذلك تصل القصر أخبار تفيد بموت أوفيليا ، و أنها انتحرت ( ألقت نفسها في النهر و غرقت ) حزناً على والدها فيزداد حنق ليرتس و يتضاعف غضبه على هاملت لأنه يعتبره قاتل أبيه و سبباً لانتحار أوفيليا .
و تقام مراسم دفن أوفيليا ، و ينزل ليرتس إلى قبرها ليودّعها ، ثم تخيّم الدهشة و ملامح الاستغراب على وجوه الحاضرين الذين أدهشهم وصول هاملت و ذهوله لموت أوفيليا فينزل إلى قبرها ليودّعها , و يدور في القبر عراك بينه و بين ليرتس حتى فصل الحاضرون بينهما .
و ثانية تلوح الفرصة للملك للتخلص من هاملت فيدبّر مبارزة بين هاملت و ليرتس بالتآمر مع الأخير( ليرتس ) خططا فيها لقتل هاملت بسيف مسموم أثناء المبارزة ، و إن لم تفلح الخطة فسيلجأ الملك إلى خطة بديلة يقدّم فيها شراباً مسموماً لهاملت لإطفاء عطشه أثناء المبارزة .
و تساور الشكوك هوراثيو بنوايا الملك و يحاول أن يثني هاملت عن المبارزة ، لكن محاولاته تبوء بالفشل إذ يقبل هاملت المبارزة و يصرّ على خوضها.
و يجتمع حشد كبير في صالة المبارزة من بينهم الملك و الملكة و هوراثيو و عدد كبير من رجال الحاشية . و تبدأ المبارزة ، و يكسب هاملت عدداً من النقاط ، و يرفض الشراب الذي قدّمه له الملك رغم ما يعانيه من عطش و تعب ، و تشتد المبارزة و يجرح الخصمان بعضهما .
أثناء ذلك ترغب الملكة إطفاء عطشها فتمسك كأس الشراب المسموم المعدّ لهاملت ، و تفشل محاولات الملك في ثنيها و إقناعها بترك الكأس ، و يخاف الملك أن يبوح بالسبب فتشرب الملكة الشراب و تسقط ميتة .
حينئذٍ أدرك ليرتس ما حصل و أيقن أنه لن ينجو و أنه ميّت لا محالة فأخبر هاملت بالمؤامرة و أطلعه على المكيدة ، و أكّد له أن أمّه ماتت بالسمّ الذي كان من المفترض أن يقتله هو فيندفع هاملت نحو عمّه و يقتله .
و يخيّم الصمت على الصالة ، لا تلبث أن تقطعه أصوات و جلبة في الخارج ، تبيّن الحاضرون أنها أصوات فورتنبراس و جنوده العائدين من غزو بولونيا .
دُهِش فورتبراس للمنظر الذي رآه ، و الذي لا يُرَى إلا في ساحات المعارك ، ثم أدرك أن عرش الدانمارك قد أصبح فارغاً ، فذكّر الحاضرين بحقوقه في عرش الدانمارك ، و لم ينتظر طويلاً قبل أن ينال قبــــــــــول الحاضرين على توليته ملكاً عليهم .
ثم طلب من جنوده ان تُدفَن الجثث وفق المراسم التي تليق بها .
سليمان (عبرية: שְׁלֹמֹה شلومو ) هو أحد ملوك مملكة إسرائيل حسب الوارد في سفر الملوك الأولوسفر أخبار الأيام الأول[1] وحسب التلمود، هو أحد الأنبياء الثمانية والأربعين وإبن داود وثالث ملوك مملكة إسرائيل الموحدة قبل إنقسامها إلى مملكة إسرائيل الشمالية وهي المملكة التي بقي يحكمها قبائل إسرائيل الإثنا عشرومملكة يهوذا في الجنوب والتي حكمها أبناء قبيلة يهوذا وهي القبيلة الوحيدة الباقية من القبائل الإثنا عشر حسب كتابات اليهود [2]
يعتقد أنه عاش في الفترة ما بين 970 ق.م حتى 931 ق.م وتوفى عن عمر 52
وأشتهر -وفق العقيدة اليهودية- بحكمته وثرائه وملكه الكبير وعدد من الذنوب
التي بموجبها عاقب يهوه بني إسرائيل بتقسيم مملكتهم [3] ارتبط اسم سليمان بعدد من القصص المذكورة في العهد القديم مثل لقاءه مع ملكة سبأ التي ذكرت في القرآن كذلك وقصة قضاء سليمان بين المرأتين المتخاصمتين على رضيع، ويعتقد حسب التراث اليهودي أنه أول من بنى الهيكل وقصته مع ملك الجن أشماداي (عبرية:אשמדאי).
هو أحد أنبياء الإسلام حسب معتقدات المسلمين وذكر في سور سبأوصوالنملوسورة البقرةوالأنعام مع اختلافات في جوانب القصة العبرية وتأكيد للحكمة والثراء والملك الذي لم يؤت أحد مثله. وحسب القرآن، فإن سليمان تعلم "منطق" الطير والحيوانات والحشرات وله جنوعفاريت مسخرين لخدمته وطاعته.
وجود سليمان من الناحية التاريخية وبالصورة التي صورها كتبة التناخ والكتب الدينية الأخرى محل خلاف بين علماء الآثار والأنثروبولجيا فلا يوجد له ولا لهيكله أي أثر في فلسطين كما لا يأتي أي ذكر له في حوليات الحضارات المفترض أنها جاورته في مصر القديمةوآشوروفينيقيا أو تلك التي يعتقد أنها اتصلت به في اليمن القديم.[بحاجة لمصدر] فمنهم من يرى أنها شخصية مختلقة خلال فترة السبي البابلي ورأي آخر يرى أنها شخصية تاريخية تعرض تاريخها للمبالغات.
ورد في سفر الملوك الأول أن داود
عندما كبر في السن لم يعد بإستطاعته الشعور بالدفء فعرض عليه مستشاريه
تزويجه من فتاة صغيرة وجميلة لعلها تدفئ داود في شيخوخته ووجدوا فتاة اسمها
" ابيشج الشونمية" لتقوم بهذا الغرض. وكان لداود عدد من الأبناء حينها هم
أدونيا وأبشالوم وأمنون وشفطيا ويثرعام وكيلاب وأعلن أدونيا نفسه ملكا على
إسرائيل خلال شيخوخة أبيه وهو ماحز في نفس النبي ناثان الذي كان مستشارا
لداود. فهرع ناثان إلى أم سليمان مخبرا إياها بفعلة أدونيا وحثها على
الذهاب إلى داود وذلك لسببان، أن يهوه أراد أن سليمان أن يبني الهيكل
عقب وفاة داود والسبب الثاني هو وعد داود لزوجته أو أمته حقيقة كما ورد في
السفر بتسليم سليمان الملك رغم أن أدونيا هو أكبر أبناء الملك داود
الأحياء إلا إنه كان مدللا ومغرورا ولم يلق قبولا من الكهنة والأنبياء [4]
فقال داود لبتشبع والدة سليمان، والنبي ناثان والكاهن صادوق:
حي هو الرب الذي فدى نفسي من كل ضيقة، انه
كما حلفت لك بالرب اله إسرائيل قائلا ان سليمان ابنك يملك بعدي وهو يجلس
على كرسيي عوضا عني كذلك افعل هذا اليوم.. خذوا معكم عبيد سيدكم واركبوا
سليمان ابني على البغلة التي لي وانزلوا به إلى جيحون، وليمسحه هناك صادوق
الكاهن وناثان النبي ملكا على إسرائيل واضربوا بالبوق وقولوا ليحيى الملك
سليمان، وتصعدون وراءه فيأتي ويجلس على كرسيي وهو يملك عوضا عني واياه قد
اوصيت ان يكون رئيسا على إسرائيل ويهوذا
— سفر الملوك الاول 29:1-35
فلما سمع أدونيا صوت الأبواق والمزامير تفرق جمعه عنه وهرب أدونيا وتمسك
بقرون المذبح خوفا من سليمان مطالبا إياه بالحلف ألا يقتله بالسيف فقال
سليمان:
إن كان ذا فضيلة لا يسقط من شعره إلى الارض.ولكن ان وجد به شر فانه يموت
فأنزلوه من المذبح وسجد أمام سليمان الذي عفى عنه ورده إلى بيته. ولما
استوى الملك لسليمان عقب وفاة داود توجه أدونيا إلى أم سليمان مطالبا إياها
بالتوسط عنده ليزوجه "أبيشج الشونمية" إلا أن الطلب قوبل بالرفض وأرسل
سليمان قائد جيشه المدعو بنياهو بن يهوياداع لقتله وبذلك تخلص سليمان من
أخاه وكل تهديد ضد ملكه [5]
سياسته
سليمان وزوجته المصرية
كان سليمان يحكم بشكل مطلق كونه مختار من يهوه وتمكن من توسيع سلطانه عبر التزواج مع عدد من بنات ملوك الممالك المجاورة مثل إبنة الفرعون المصري الغير مسماة في النصوص العبرية وأعتبر الزواج حلفا سياسيا بين مملكة إسرائيل ومصر[6]
حسب كتابات اليهود، فإن سليمان تزوج من إبنة الفرعون المصري ويذكر العهد
القديم أن الفرعون المصري الغير مسمى قام باحتلال "جازر " ضمن مدينة الرملة الفلسطينية حاليا وقام بإبادة الكنعانيين وذكر في النص أن المدينة أصبحت لسليمان عقب غزوة الفرعون المصري [7] تزوج كذلك من إبنة ملك مملكة عمونوصيداومؤاب
وازدهرت مملكة إسرائيل بسبب العلاقات التجارية والسياسية مع هذه الممالك
ويذكر العهد القديم أن كل ملوك الأرض أتت لتستمع لحكمة سليمان وتتعلم منه
ويأتونه بالذهب والهدايا كل سنة بل جعل شعوب كنعان كلها عبيد مسخرة له
ولبني إسرائيل ولم يستعبد أحد من العبرانيين لإنهم "رجال قتال" على ماورد
في العهد القديم[8][9]
لاتوجد إشارة في الكتاب المقدس إلى زواج بين سليمان وملكة سبأ. ورد في سفر الملوك الأول
بالإصحاح العاشر، أن ملكة سبأ (لم يرد إسمها) سمعت بحكمته في جملة ملوك
الأرض التي سمعت بها كذلك إلا أنها أرادت أن "تمتحنه بمسائل"، فقدمت عليه
بقوافل كبيرة تحمل ذهبا وأطيابا وأقرت بحكمة وعظمة ملك سليمان وأن مارأته
بعينها فاق الأوصاف والأخبار التي وردت عليها عنه [10] حسب التراث اليهودي، فإن الملكة قدمت على سليمان وسألته أسئلة وأختبرته بألغاز وأحاجي كثيرة حتى أيقنت أن مالدى سليمان من الحكمة والثراء الممنوحة له من إلهه يفوق مالديها [11] وحسب بعض التقاليد اليهودية، فإن سليمان تزوج منها وأنجبت إبنا اسمه بن صيرة[12]
حكمته
أحد أبرز الصفات التي أشتهر بها سليمان هي الحكمة وورد ذلك في العهد الجديدوالقرآن كذلك. وأشهر قصص العهد القديم بشأن حكمته تظهر في قصة المرآتان المتخاصمتان على رضيع. حلم سليمان ذات ليلة وتراءى له أنه يحدث يهوه
فشكره على رحمته بأباه داود وأن مكن له في الملك عقب وفاته رغم صغر سنه
فباركه يهوه بأن منحه حكمة وملكا لم يعطى لأحد قبله ولن يحظى به أحد من
بعده :
في جبعون ترائى الرب لسليمان في حلم
ليلا.وقال الله اسال ماذا اعطيك. (6) فقال سليمان انك قد فعلت مع عبدك داود
ابي رحمة عظيمة حسبما سار امامك بامانة وبر واستقامة قلب معك فحفظت له هذه
الرحمة العظيمة واعطيته ابنا يجلس على كرسيه كهذا اليوم. (7) والان ايها
الرب الهي أنت ملكت عبدك مكان داود ابي وانا فتى صغير لا اعلم الخروج
والدخول. (8) وعبدك في وسط شعبك الذي اخترته شعب كثير لا يحصى ولا يعد من
الكثرة. (9) فاعط عبدك قلبا فهيما لاحكم على شعبك واميز بين الخير والشر
لانه من يقدر ان يحكم على شعبك العظيم هذا. (10) فحسن الكلام في عيني الرب
لان سليمان سال هذا الامر. (11) فقال له الله من اجل انك قد سالت هذا الامر
ولم تسال لنفسك اياما كثيرة ولا سالت لنفسك غنى ولا سالت انفس اعدائك بل
سالت لنفسك تمييزا لتفهم الحكم (12) هوذا قد فعلت حسب كلامك، هوذا اعطيتك
قلبا حكيما ومميزا حتى انه لم يكن مثلك قبلك ولا يقوم بعدك نظيرك. (13) وقد
اعطيتك أيضا ما لم تساله غنى وكرامة حتى انه لا يكون رجل مثلك في الملوك
كل ايامك. (14) فان سلكت في طريقي وحفظت فرائضي ووصاياي كما سلك داود ابوك
فاني اطيل ايامك. (15) فاستيقظ سليمان واذ هو حلم.وجاء إلى اورشليم ووقف
امام تابوت عهد الرب واصعد محرقات وقرب ذبائح سلامة وعمل وليمة لكل عبيده
قصة "حكم سليمان" في الزانيتين والطفل الرضيع
يحكي العهد القديم قصة الزانيتان في سفر الملوك الأول
وهي أشهر القصص الدالة على حكمته حسب التراث اليهودي. دخلت إمرأتان على
سليمان وكانتا متزوجتين من أخوان ويعيشان في بيت واحد. نامت إحداهما ليلا
مع رضيعه وقتلتها خطأ ويبدو من الوارد في التوارة أنها نامت عليه دون أن
تشعر فأدى ذلك إلى وفاته. فقامت في حين غفلة من المرأة أخرى وأخذت إبنها
ووضعت الرضيع الميت مكانه إلا أن الحيلة لم تنطلي على المرأة لمعرفتها
بإبنها وقرروا الاحتكام لدى سليمان. سمع سليمان حجج المرأتين وكلتيهما
يدعيان أمومة الطفل فنادى على سياف وأمره بشق الطفل إلى نصفين ليحل الخلاف،
فأضطربت والدة الطفل الحقيقية وسألت سليمان أن لا يقتله ويعطيه لغريمتها
بينما كان رد الأخرى جافا ووافقت على شق الطفل لكي لايكون لأيهما. حينها
علم سليمان أيهم أم الطفل الحقيقية وهي تلك التي آثرت أن تفقد طفلها على أن
تراه يقتل.
فاستيقظ سليمان واذ هو حلم.وجاء إلى
اورشليم ووقف امام تابوت عهد الرب واصعد محرقات وقرب ذبائح سلامة وعمل
وليمة لكل عبيده (16) حينئذ اتت امراتان زانيتان إلى الملك ووقفتا بين
يديه. (17) فقالت المراة الواحدة استمع يا سيدي.اني انا وهذه المراة
ساكنتان في بيت واحد وقد ولدت معها في البيت. (18) وفي اليوم الثالث بعد
ولادتي ولدت هذه المراة أيضا وكنا معا ولم يكن معنا غريب في البيت غيرنا
نحن كلتينا في البيت. (19) فمات ابن هذه في الليل لانها اضطجعت عليه. (20)
فقامت في وسط الليل واخذت ابني من جانبي وامتك نائمة واضجعته في حضنها
واضجعت ابنها الميت في حضني. (21) فلما قمت صباحا لارضع ابني اذا هو
ميت.ولما تاملت فيه في الصباح اذا هو ليس ابني الذي ولدته. (22) وكانت
المراة الاخرى تقول كلا بل ابني الحي وابنك الميت.وهذه تقول لا بل ابنك
الميت وابني الحي.وتكلمتا امام الملك. (23) فقال الملك هذه تقول هذا ابني
الحي وابنك الميت وتلك تقول لا بل ابنك الميت وابني الحي. (24) فقال الملك
ايتوني بسيف.فاتوا بسيف بين يدي الملك. (25) فقال الملك اشطروا الولد الحي
اثنين واعطوا نصفا للواحدة ونصفا للاخرى. (26) فتكلمت المراة التي ابنها
الحي إلى الملك.لان احشاءها اضطرمت على ابنها.وقالت استمع يا سيدي.اعطوها
الولد الحي ولا تميتوه.واما تلك فقالت لا يكون لي ولا لك.اشطروه. (27)
فاجاب الملك وقال اعطوها الولد الحي ولا تميتوه فانها امه. (28) ولما سمع
جميع إسرائيل بالحكم الذي حكم به الملك خافوا الملك لانهم راوا حكمة الله
فيه لاجراء الحكم
ورد في سفر طوبيا
اسم ملك من العفاريت وهو حسب التراث العبري، عفريت متعة ومسؤول عن بيوت
اللعب اللهو وأضيف في الأدب المسيحي إلى قائمة أمراء الجحيم السبعة [14] حسب التلمود، هو أحد هولاء الجن والعفاريت المقربين من إبليسويهوه في المحكمة الإلهية ومسؤول عن إلحاق الضرر بهولاء الذين لايلتزمون بتعاليم الكوشر وهو أحد العفاريت التي ساعدت سليمان على بناء الهيكل[15] القرآن لم يذكره ولكنه ذكر عن تحكم سليمان بالجن والعفاريت وأعمال البناء التي كانوا يقومون بها لأجله [16] وحسب التراث اليهودي، فإن الهيكل بني في أورشليم في أرض يقال لها "بيدر" إشتراها داود لتكون مقر تابوت العهد وهو المكان الذي ترائ لموسى في "البرية" [17]
ولم يبني داود الهيكل وأنصاع لرغبة إله إسرائيل بأن يتم بناء الهيكل في
عهد إبنه سليمان. ولمدة ثلاثة عشر سنة، بني سليمان عددا كبيرا من المعابد
حسب الوارد في الأسفار منها بنائه لميناء في إدوم وبناء ثكنة عسكرية في تدمر كذلك.
وفاته وانقسام مملكته
توفي سليمان بعد أربعين سنة من الحكم المطلق ثلاثة وثلاثون منها كان على إسرائيل و يهوذا وسبعة على مدينة الخليل ومات ميتة طبيعية وخلفه إبنه رحبعام. تروي التوراة أن من أسباب انقسام المملكة هو تعلق سليمان بنساء من الأغيار مثل إبنة الفرعون المصري التي أغوت قلبه بإتباع آلهة مصر القديمة
وبنى سليمان عدد من المعابد لتقديس هذه الآلهة بل كانت أكثر زوجاته
الثلاثمائة تأثيرا وهناك شبه إجماع بين التوراتيين أنها المرأة المعنية في نشيد الأنشاد[18] والزواج من الأغيار ممنوع حسب النصوص الدينية اليهودية [19]
فأثرت أؤلئك النسوة على توجهات سليمان وإيمانه فورد في سفر الملوك أن
تعلقه بإله إسرائيل لم يكن كتعلق والده داود وأن قلبه مال لإلهة الصيدونيين
(الفينقيين) عشتروت مما أثار غضب يهوه ووعد بتمزيق مملكته تمزيقا في عهد إبنه رحبعام، والسبب في تأجيل العقوبة هو احترام يهوه لداود [20]
وأحب الملك سليمان نساء غريبة كثيرة مع
بنت فرعون موابيات وعمونيات وأدوميات وصيدونيات وحثيات. من الأمم الذين قال
عنهم الرب لبني إسرائيل لا تدخلون اليهم وهم لا يدخلون إليكم لانهم يميلون
قلوبكم وراء الهتهم.فالتصق سليمان بهؤلاء بالمحبة. وكانت له سبع مئة من
النساء السيدات وثلاث مئة من السراري فامالت نساؤه قلبه. وكان في زمان
شيخوخة سليمان ان نساءه املن قلبه وراء الهة اخرى ولم يكن قلبه كاملا مع
الرب الهه كقلب داود ابيه. فذهب سليمان وراء عشتورث الاهة الصيدونيين
وملكوم رجس العمونيين. وعمل سليمان الشر في عيني الرب ولم يتبع الرب تماما
كداود ابيه. حينئذ بنى سليمان مرتفعة لكموش رجس الموابيين على الجبل الذي
تجاه اورشليم.ولمولك رجس بني عمون. وهكذا فعل لجميع نسائه الغريبات اللواتي
كن يوقدن ويذبحن لالهتهن. فغضب الرب على سليمان لان قلبه مال عن الرب اله
إسرائيل الذي تراءى له مرتين. واوصاه في هذا الامر ان لا يتبع الهة
اخرى.فلم يحفظ ما اوصى به الرب. فقال الرب لسليمان من اجل ان ذلك عندك ولم
تحفظ عهدي وفرائضي التي اوصيتك بها فاني امزق المملكة عنك تمزيقا واعطيها
لعبدك. الا اني لا افعل ذلك في ايامك من اجل داود ابيك بل من يد ابنك
امزقها. على اني لا امزق منك المملكة كلها بل اعطي سبطا واحدا لابنك لاجل
داود عبدي ولاجل اورشليم التي اخترتها
سليمان هو أحد أنبياء الله في الإسلام وقد ذكر ملكه القرآن ونسب إليه جيشا من الوحش والطير والجن والبشر وصفات أخرى مثل قدرته على فهم منطق جميع الكائنات بما فيها النمل[21][22] وقد قال الحافظ أبو بكر البيهقي:
أنبأنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأنا علي بن حمشاد حدثنا إسماعيل بن قتيبة،
حدثنا علي بن قدامة، حدثنا أبو جعفرالإستوائي (الاستوائي نسبة إلى اتسوا
وهي كورة بنواحي نيسابور ذكره صاحب معجم البلدان وفيه: محمد بن بسطام بن الحسن الاستوائي وقد ولي قضاء نيسابور ودام له القضاء ولأولاده.[23].)
يعني محمد بن عبد الرحمن عن أبي يعقوب القمي (وهو أبو الحسن يعقوب بن عبد
الله بن سعد بن مالك الأشعري القمي)، حدثني أبو مالك قال: مر سليمان بن داودبعصفور يدور حول عصفورة فقال لأصحابه: أتدرون ما يقول؟ قالوا: وما يقول يا نبيالله؟ قال: يخطبها إلى نفسه, ويقول زوجيني أسكنك أي غرف دمشق شئت. قال سليمان عليه السلام: لأن غرف دمشق مبنية بالصخر لا يقدر أن يسكنها أحد ولكن كل خاطب كذاب[24] وكذلك ما عداها من الحيوانات وسائر صنوف المخلوقات والدليل على هذا قوله بعد هذا من الآيات: (وأوتينا من كل شيء) أي من كل ما يحتاج الملك إليه من العدد والآلات والجنودوالجيوش والجماعات من الجنوالإنسوالطيوروالوحوشوالشياطين السارحات والعلوم والفهوم والتعبير عن ضمائر المخلوقات من الناطقات والصامتات ثم قال: (إن هذا لهو الفضل المبين) أي من بارئ البريات وخالق الأرض والسموات كما قال تعالى: وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى
إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا
النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ
وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ فَتَبَسَّمَ
ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ
نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ
صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ
الصَّالِحِينَ سورة النمل, الآيات 17-19[25].
قصة سليمان والنملة
يذكر القرآن حادثة لسليمان مع نملة, حيث أنه ركب يوما في جيشه جميعه من الجنوالإنسوالطير، فالجنوالإنس يسيرون معه، والطير سائرة معه تظله بأجنحتها من الحر وغيره، وعلى كل من هذه الجيوش الثلاثة وزعة أي نقباء يردون أوله على آخره فلا يتقدم أحد عن موضعه الذي يسير فيه، ولا يتأخر عنه[26] كذلك: حَتَّى
إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا
النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ
وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ سورة النمل, الآية 18[27] فأمرت وحذرت واعتذرت عن سليمان وجنوده بعدم الشعور.
وبحسب القرآن فقد فهم سليمان ما خاطبت به تلك النملة لامتها من الرأي
السديد، والأمر الحميد، وتبسم من ذلك على وجه الاستبشار والفرح والسرور بما
أطلعه الله عليه دون غيره. والمراد بوالديه في آية سورة النمل, داود وأمه وكانت من العابدات الصالحات كما قال سنيد بن داود، عن يوسف بن محمد بن المنكدر، عن أبيه عن جابر عن النبي محمد قال: " قالت أم سليمان بن داود: يا بني لا تكثر النوم بالليل فإن كثرة النوم بالليل تدع العبد فقيرا يوم القيامة "[28].
وقال عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري،
أن سليمان خرج هو وأصحابه يستسقون فرأى نملة قائمة رافعة إحدى قوائمها
تستسقي فقال لأصحابه: ارجعوا فقد سقيتم إن هذه النملة استسقت فاستجيب لها[29]. قال ابن عساكر[30]: وقد روي مرفوعا ولم يذكر فيه سليمان ثم ساقه من طريق محمد بن عزيز، عن سلامة بن روح بن خالد، عن عقيل، عن ابن شهاب حدثني أبو سلمة، عن أبي هريرة أنه سمع الرسول محمد يقول: " خرج
نبي من الأنبياء بالناس يستسقون الله فإذا هم بنملة رافعة بعض قوائمها إلى
السماء فقال النبي: ارجعوا فقد استجيب لكم من أجل هذه النملة ". وقال السدي:
أصاب الناس قحط على عهد سليمان عليه السلام، فأمر الناس فخرجوا فإذا بنملة
قائمة على رجليها باسطة يديها وهي تقول: " اللهم أنا خلق من خلقك ولا غناء
بنا عن فضلك " قال فصب الله عليهم المطر.
هدهد سليمان وملكة سبإ
يذكر القرآن الكريم: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ وَجَدْتُهَا
وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ
الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا
يَهْتَدُونَ أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ فَلَمَّا
جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ
خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ارْجِعْ
إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا
وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ [31] (سورة النمل، الآيات 20 - 37).
يذكر القرآن ما كان من أمر سليمان والهدهد وذلك أن الطيور كان على كل صنف منها مقدمون[32] يقومون بما يطلب منهم، ويحضرون عنده بالنوبة كما هي عادة الجنود مع الملوك. وكانت وظيفة الهدهد على ما ذكره ابن عباس
وغيره أنهم كانوا إذا أعوزوا الماء في القفار في حال الأسفار يجيء فينظر
لهم هل بهذه البقاع من ماء وفيه من القوة التي أودعها الله فيه أن ينظر إلى
الماء تحت تخوم الأرض فإذا دلهم عليه حفروا عنه واستنبطوه وأخرجوه
واستعملوه لحاجتهم. فلما تطلبه سليمان ذات يوم فقده ولم يجده في موضعه من
محل خدمته (فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين) أي ماله مفقود من ههنا أو قد غاب عن بصري فلا أراه بحضرتي (لأعذبنه عذابا شديدا) توعده بنوع من العذاب. اختلف المفسرون فيه والمقصود حاصل على كل تقدير (أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين) أي بحجة تنجيه من هذه الورطة. كما ذكر بالقرآن: (فمكث غير بعيد) أي فغاب الهدهد غيبة ليست بطويلة ثم قدم منها: (فقال) لسليمان: (احطت بما لم تحط به) أي اطلعت على ما لم تطلع عليه (وجئتك من سبأ بنبأ يقين) أي بخبر صادق (إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم) يذكر ما كان عليه ملوك سبأ في بلاد اليمن من المملكة العظيمة والتبابعة
المتوجين، وكان الملك قد آل في ذلك الزمان إلى امرأة منهم ابنة ملكهم لم
يخلف غيرها فملكوها عليهم. وذكر الثعلبي وغيره أن قومها ملكوا عليهم بعد
أبيها رجلا فعم به الفساد، فأرسلت إليه تخطبه فتزوجها فلما دخلت عليه سقته
خمرا ثم حزت رأسه ونصبته على بابها[33]، وقوله تعالى: (وأوتيت من كل شيء) أي مما من شأنه أن تؤتاه الملوك (ولها عرش عظيم) يعني سرير مملكتها كان مزخرفا بأنواع الجواهر واللآلئ والذهب والحلى الباهر. فذكر غير واحد من المفسرين وغيرهم أن الهدهد
حمل الكتاب وجاء إلى قصرها فألقاه إليها وهي في خلوة لها ثم وقف ناحية
ينتظر ما يكون من جوابها عن كتابها، فجمعت أمراءها ووزراءها وأكابر دولتها
إلى مشورتها (قالت يا أيها الملا إني القي إلي كتاب كريم) ثم قرأت عليهم عنوانه أولا (إنه من سليمان) ثم قرأته: (وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي واتوني مسلمين) ثم شاورتهم في أمرها وما قد حل بها وتأدبت معهم، وخاطبتهم، وهم يسمعون قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ [34] (سورة النمل، الآية 32) تعني ما كنت لأقضي أمرا إلا وأنتم حاضرون (قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد) يعنون لنا قوة وقدرة على الجلاد والقتال ومقاومة الأبطال فإن أردت منا ذلك فإنا عليه من القادرين ومع هذا قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ [35] (سورة النمل، الآية 33)
فبذلوا لها السمع والطاعة وأخبروها بما عندهم من الاستطاعة، وفوضوا إليها
في ذلك الامر، لترى فيه ما هو الأرشد لها ولهم، فكان رأيها أتم وأسد من
رأيهم، وعلمت أن صاحب هذا الكتاب لا يغالب ولا يمانع ولا يخالف ولا يخادع قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ [36] (سورة النمل، الآية 34)
تقول برأيها السديد إن هذا الملك لو قد غلب على هذه المملكة لم يخلص الأمر
من بينكم إلا إلي ولم تكن الحدة والشدة والسطوة البليغة إلا علي وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ [37] (سورة النمل، الآية 35)
أرادت أن تصانع عن نفسها، وأهل مملكتها بهدية ترسلها، وتحف تبعثها ولم
تعلم أن سليمان عليه السلام لا يقبل منهم، والحالة هذه صرفا ولا عدلا لأنهم
كافرون وهو وجنوده عليهم قادرون ولهذا فَلَمَّا
جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ
خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ [38] (سورة النمل، الآية 36) هذا وقد كانت تلك الهدايا مشتملة على أمور عظيمة، كما ذكره المفسرون فعن ابن عباس: " بعثت باثنتي عشرة وصيفة، واثني عشر غلاما، وعلى يد الوصائف أطباق مسكوعنبر، وباثنتي عشرة نجيبة تحمل لبن الذهب، وبعصا كان يتوارثها ملوك حمير;
وبخرزتين إحداهما مثقوبة ثقبا معوجا والأخرى غير مثقوبة. وبقدح من ذهب ".
ثم قال لرسولها إليه ووافدها (قيل بعثت الهدية مع رجل من أشراف قومها يقال
له المنذر بن عمرو) الذي قدم عليه والناس حاضرون يسمعون ارْجِعْ
إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا
وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ [39] (سورة النمل، الآية 37) يقول ارجع بهديتك التي قدمت بها إلي، فإن عندي مما قد أنعم الله
علي وأسداه إلي من الأموال والتحف والرجال، ما هو أضعاف هذا وخير من هذا
الذي أنتم تفرحون به وتفخرون على أبناء جنسكم بسببه (فلنأتينهم بجنود لا
قبل لهم بها) [ النمل: 37 ] أي فلابعثن إليهم بجنود لا يستطيعون دفاعهم ولا
نزالهم ولا ممانعتهم ولا قتالهم ولأخرجنهم من بلدهم وحوزتهم ومعاملتهم
ودولتهم أذلة (وهم صاغرون) عليهم الصغار والعار والدمار.
فلما بلغهم ذلك عن نبي الله لم يكن لهم بد من السمع والطاعة، فبادروا إلى إجابته في تلك الساعة، وأقبلوا صحبة الملكة أجمعين سامعين مطيعين خاضعين. فلما سمع بقدومهم عليه، ووفودهم إليه، قال لمن بين يديه ممن هو مسخر له من الجان ما قصه الله عنه في القرآن: قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ قَالَ
الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن
يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ
هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن
شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي
غَنِيٌّ كَرِيمٌ قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ [40] (سورة النمل، الآيات 38 - 43) لما طلب سليمان من الجان أن يحضروا له عرش بلقيس، وهو سرير مملكتها التي تجلس عليه وقت حكمها، قبل قدومها عليه (قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك) يعني قبل أن ينقضي مجلس حكمك وكان فيما يقال من أول النهار إلى قريب الزوال يتصدى لمهمات بني إسرائيل وما لهم من الأشغال (وإني عليه لقوي أمين) أي وإني لذو قدرة على إحضاره إليك وأمانة على ما فيه من الجواهر النفيسة لديك (قال الذي عنده علم من الكتاب) المشهور أنه آصف بن برخيا وهو ابن خالة سليمان. وقيل هو رجل من مؤمني الجان كان فيما يقال يحفظ الاسم الأعظم. وقيل رجل من بني إسرائيل من علمائهم. وقيل كذلك أنه جبريل (أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك)
قيل معناه قبل أن تبعث رسولا إلى أقصى ما ينتهي إليه طرفك من الأرض ثم
يعود إليك. وقيل قبل أن يصل إليك أبعد من تراه من الناس وقيل قبل أن يكل
طرفك إذا أدمت النظر به قبل أن تطبق جفنك. وقيل قبل أن يرجع إليك طرفك إذا
نظرت به إلى أبعد غاية منك ثم أغمضته وهذا أقرب ما قيل. (فلما رآه مستقرا عنده) أي فلما رأى عرش بلقيس مستقرا عنده في هذه المدة القريبة من بلاد اليمن إلى بيت المقدس في طرفة عين (قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر) أي هذا من فضل الله علي وفضله على عبيده ليختبرهم على الشكر أو خلافه (ومن شكر فإنما يشكر لنفسه) أي إنما يعود نفع ذلك عليه (ومن كفر فإن ربي غني كريم) أي غني عن شكر الشاكرين ولا يتضرر بكفر الكافرين. ثم أمر سليمان عليه السلام أن يغير حلى هذا العرش وينكر لها ليختبر فهمها وعقلها ولهذا قال: (ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو) وهذا من فطنتها وغزارة فهمها لأنها استبعدت أن يكون عرشها لأنها خلفته وراءها بأرض اليمن ولم تكن تعلم أن أحدا يقدر على هذا الصنع العجيب الغريب.
الأبحاث الآثارية والحفريات
مصر التي كانت تمر بفترة انتقالية سماها علماء المصرياتبالفترة الانتقالية الثالثة خلال حكم الأسرة مصرية السادسة والعشرون، وردت عنها آثار عن علاقات بالآشوريين في هذه الفترة وتحالفات بين عدد من الممالك مع مصر ضدهم ولا إشارة لسليمان وإسرائيل على الإطلاق [41] ويعتقد عدد من الناقدين أن قصة ملكة سبأ قد تكون تلفيقا من كتبة التوراة لإيجاد شاهد أجنبي على ثروة سليمان وحكمته [42]
مواضيع اخري ؟؟؟؟؟
لقد آتى الله سليمان عليه السلام ملكا عظيما لم يؤته أحدا من قبله ولن
يعطه لأحد من بعده إلى يوم القيامة فقد استجاب الله تعالى لدعوة سليمان (
رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ
بَعْدِي ) لنتحدث الآن عن بعض الأمور التي سخرها الله لنبيه سليمان عليه
السلام لقد سخر له أمرا لم يسخره لأحد من قبله ولا بعده سخر الله له الجن
فكان لديه عليه السلام القدرة على حبس الجن الذين لا يطيعون أمره وتقييدهم
بالسلاسل وتعذيبهم ومن يعص سليمان يعذبه الله تعالى لذلك كانوا يستجيبون
لأوامره فيبنون له القصور والتماثيل التي كانت مباحة في شرعهم والأواني
والقدور الضخمة جدا فلا يمكن تحريكها من ضخامتها وكانت تغوص له في أعماق
البحار وتستخرج اللؤلؤ والمرجان والياقوت وسخر الله لسليمان عليه السلام
الريح فكانت تجري بأمره لذلك كان يستخدمها سليمان في الحرب فكان لديه بساطا
خشبيا ضخم جدا وكان يأمر الجيش بأن يركب على هذا الخشب ويأمر الريح بأن
ترفع البساط وتنقلهم للمكان المطلوب فكان يصل في سرعة خارقة ومن نعم الله
عليه إسالة النحاس له مثلما أنعم على والده داود بأن ألان له الحديد وعلمه
كيف يصهره وقد استفاد سليمان من النحاس المذاب فائدة عظيمة في الحرب والسلم
ومن النعم ايضاً جيش سليمان عليه السلام فكان جيشه مكون من البشر والجن
والطيور فكان يعرف لغتها.
كان سليمان عليه السلام يحب الخيل كثيرا
خصوصا ما يسمى بالصافنات وهي من أجود أنواع الخيول وأسرعها وفي يوم من
الأيام بدأ استعراض هذه الخيول أمام سليمان عصرا وتذكر بعد الروايات أن
عددها كان أكثر من عشرين ألف جواد فأخذ ينظر إليها ويتأمل فيها فطال
الاستعراض فشغله عن ورده اليومي في ذكر الله تعالى حتى غابت الشمس فانتبه
وأنب نفسه لأن حبه لهذه الخيول شغله عن ذكر ربه حتى غابت الشمس فأمر بإرجاع
الخيول له ( فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ) وجاءت هنا
روايتان كلاهما قوي رواية تقول أنه أخذ السيف وبدأ بضربها على رقابها
وأرجلها حتى لا ينشغل بها عن ذكر الله ورواية أخرى تقول أنه كان يمسح عليها
ويستغفر الله عز وجل فكان يمسحها ليرى السقيم منها من الصحيح لأنه كان
يعدّها للجهاد في سبيل الله.
وحقيقة هذه الفتنة ما ذكره الفخر
الرازي قال : إن سليمان ابتلي بمرض شديد حار فيه أطباء الإنس والجن وأحضرت
له الطيور أعشابا طبية من أطراف الأرض فلم يشف وكل يوم كان المرض يزيد عليه
حتى أصبح سليمان إذا جلس على كرسيه كأنه جسد بلا روح كأنه ميت من كثرة
الإعياء والمرض واستمر هذا المرض فترة كان سليمان فيها لا يتوقف عن ذكر
الله وطلب الشفاء منه واستغفاره وحبه وانتهى امتحان الله تعالى لعبده
سليمان وشفي سليمان عادت إليه صحته بعد أن عرف أن كل مجده وكل ملكه وكل
عظمته لا تستطيع أن تحمل إليه الشفاء إلا إذا أراد الله سبحانه.
ويذكر
لنا القرآن الكريم مواقف عدة تتجلى لنا فيها حكمة سليمان عليه السلام
ومقدرته الفائقة على استنتاج الحكم الصحيح في القضايا المعروضه عليه ومن
هذه القصص ما حدث في زمن داود عليه السلام قال تعالى : ( وَدَاوُودَ
وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ
الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ
وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ) جلس داود كعادته يوما يحكم بين
الناس في مشكلاتهم وجاءه رجل صاحب حقل ومعه رجل آخر وقال له صاحب الحقل :
سيدي النبي إن غنم هذا الرجل نزلت حقلي أثناء الليل وأكلت كل عناقيد العنب
التي كانت فيه وقد جئت إليك لتحكم لي بالتعويض قال داود لصاحب الغنم : هل
صحيح أن غنمك أكلت حقل هذا الرجل قال صاحب الغنم : نعم يا سيدي قال داود :
لقد حكمت بأن تعطيه غنمك بدلا من الحقل الذي أكلته قال سليمان وكان الله قد
علمه حكمة تضاف إلى ما ورث من والده : عندي حكم آخر يا أبي قال داود : قله
يا سليمان قال سليمان : أحكم بأن يأخذ صاحب الغنم حقل هذا الرجل الذي
أكلته الغنم ويصلحه له ويزرعه حتى تنمو أشجار العنب وأحكم لصاحب الحقل أن
يأخذ الغنم ليستفيد من صوفها ولبنها ويأكل منه فإذا كبرت عناقيد الغنم وعاد
الحقل سليما كما كان أخذ صاحب الحقل حقله وأعطى صاحب الغنم غنمه قال داود :
هذا حكم عظيم يا سليمان الحمد لله الذي وهبك الحكمة ومنها ما جاء في
الحديث الصحيح : ( حَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنِى شَبَابَةُ
حَدَّثَنِى وَرْقَاءُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى
هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « بَيْنَمَا
امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ
إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ هَذِهِ لِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ
أَنْتِ وَقَالَتِ الأُخْرَى إِنَّما ذَهَبَ بِابْنِكِ فَتَحَاكَمَتَا إِلَى
دَاوُدَ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ
دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ ائْتُونِى
بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا فَقَالَتِ الصُّغْرَى لاَ يَرْحَمُكَ
اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى » قَالَ قَالَ أَبُو
هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ قَطُّ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ
مَا كُنَّا نَقُولُ إِلاَّ الْمُدْيَةَ ).
ويذكر لنا القرآن الكريم
قصة عجيبة : ( وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ
وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَـتَّى إِذا أتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ
قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا
يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ
فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ
أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ
أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ
الصَّالِحِينَ ) يقول العلماء “ما أعقلها من نملة وما أفصحها” (يَا) نادت
(أَيُّهَا) نبّهت (ادْخُلُوا) أمرت (لَا يَحْطِمَنَّكُمْ) نهت
(سُلَيْمَانُ) خصّت (وَجُنُودُهُ) عمّت (وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) اعتذرت
سمع سليمان كلام النملة فتبسم ضاحكا من قولها ما الذي تتصوره هذه النملة
رغم كل عظمته وجيشه فإنه رحيم بالنمل يسمع همسه وينظر دائما أمامه ولا يمكن
أبدا أن يدوسه وكان سليمان يشكر الله أن منحه هذه النعمة نعمة الرحمة
ونعمة الحنو والشفقة والرفق.
ولعل أشهر قصة عن سليمان عليه السلام
هي قصته مع بلقيس ملكة سبأ جاء يوم وأصدر سليمان أمره لجيشه أن يستعد بعدها
خرج سليمان يتفقد الجيش ويستعرضه ويفتش عليه فاكتشف غياب الهدهد وتخلفه عن
الوقوف مع الجيش فغضب وقرر تعذيبه أو قتله إلا إن كان لديه عذر قوي منعه
من القدوم فجاء الهدهد ووقف على مسافة غير بعيدة عن سليمان عليه السلام (
فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ
وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ) وانظروا كيف يخاطب هذا الهدهد
أعظم ملك في الأرض بلا إحساس بالذل أو المهانة فقال الهدهد أن أعلم منك
بقضية معينة فجئت بأخبار أكيدة من مدينة سبأ باليمن ( إِنِّي وَجَدتُّ
امْرَأَةً ) بلقيس ( تَمْلِكُهُمْ ) تحكمهم ( وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ
) أعطاها الله قوة وملكا عظيمين وسخّر لها أشياء كثيرة ( وَلَهَا عَرْشٌ
عَظِيمٌ ) وكرسي الحكم ضخم جدا ومرصّع بالجواهر ( وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا
يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ ) وهم يعبدون الشمس ( وَزَيَّنَ
لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ) أضلهم الشيطان ( فَصَدَّهُمْ عَنِ
السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي
يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا
تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ) يسجدون للشمس ويتركون الله سبحانه وتعالى (
اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) وذكر العرش
هنا لأنه ذكر عرش بلقيس من قبل فحتى لا يغترّ إنسان بعرشها ذكر عرش الله
سبحانه وتعالى فتعجب سليمان من كلام الهدهد فلم يكن شائعا أن تحكم المرأة
البلاد وتعجب من أن قوما لديهم كل شيء ويسجدون للشمس وتعجب من عرشها العظيم
فلم يصدق الهدهد ولم يكذبه إنما ( قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ
مِنَ الْكَاذِبِينَ ) وهذا منتهى العدل والحكمة ثم كتب كتابا وأعطاه للهدهد
وقال له : ( اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ
تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ) ألق الكتاب عليهم وقف في
مكان بعيد يحث تستطيع سماع ردهم على الكتاب يختصر السياق القرآني في سورة
النمل ما كان من أمر ذهاب الهدهد وتسليمه الرسالة وينتقل مباشرة إلى الملكة
وسط مجلس المستشارين وهي تقرأ على رؤساء قومها ووزرائها رسالة سليمان (
قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ
إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ) هذا هو نص خطاب الملك
سليمان لملكة سبأ إنه يأمر في خطابه أن يأتوه مسلمين هكذا مباشرة إنه
يتجاوز أمر عبادتهم للشمس ولا يناقشهم في فساد عقيدتهم ولا يحاول إقناعهم
بشيء إنما يأمر فحسب أليس مؤيدا بقوة تسند الحق الذي يؤمن به لا عليه إذن
أن يأمرهم بالتسليم كان هذا كله واضحا من لهجة الخطاب القصيرة المتعالية
المهذبة في نفس الوقت طرحت الملكة على رؤساء قومها الرسالة وكانت عاقلة
تشاورهم في جميع الأمور : ( قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي
أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ ) كان رد فعل
الملأ وهم رؤساء قومها التحدي أثارت الرسالة بلهجتها المتعالية المهذبة
غرور القوم وإحساسهم بالقوة أدركوا أن هناك من يتحداهم ويلوح لهم بالحرب
والهزيمة ويطالبهم بقبول شروطه قبل وقوع الحرب والهزيمة ( قَالُوا نَحْنُ
أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي
مَاذَا تَأْمُرِينَ ) أراد رؤساء قومها أن يقولوا : نحن على استعداد للحرب
ويبدو أن الملكة كانت أكثر حكمة من رؤساء قومها فإن رسالة سليمان أثارت
تفكيرها أكثر مما استنفرتها للحرب فكرت الملكة طويلا في رسالة سليمان كان
اسمه مجهولا لديها لم تسمع به من قبل وبالتالي كانت تجهل كل شيء عن قوته
ربما يكون قويا إلى الحد الذي يستطيع فيه غزو مملكتها وهزيمتها ونظرت
الملكة حولها فرأت تقدم شعبها وثراءه وخشيت على هذا الثراء والتقدم من
الغزو ورجحت الحكمة في نفسها على التهور وقررت أن تلجأ إلى اللين وترسل
إليه بهدية وقدرت في نفسها أنه ربما يكون طامعا قد سمع عن ثراء المملكة
فحدثت نفسها بأن تهادنه وتشتري السلام منه بهدية قدرت في نفسها أيضا إن
إرسالها بهدية إليه سيمكن رسلها الذين يحملون الهدية من دخول مملكته وإذا
سيكون رسلها عيونا في مملكته يرجعون بأخبار قومه وجيشه وفي ضوء هذه
المعلومات سيكون تقدير موقفها الحقيقي منه ممكنا أخفت الملكة ما يدور في
نفسها وحدثت رؤساء قومها بأنها ترى استكشاف نيات الملك سليمان عن طريق
إرسال هدية إليه انتصرت الملكة للرأي الذي يقضي بالانتظار والترقب وأقنعت
رؤساء قومها بنبذ فكرة الحرب مؤقتا لأن الملوك إذا دخلوا قرية انقلبت
أوضاعها وصار رؤساءها هم أكثر من فيها تعرضا للهوان والذل واقتنع رؤساء
قومها حين لوحت الملكة بما يتهددهم من أخطار وصلت هدية الملكة بلقيس إلى
الملك النبي سليمان وجاءت الأخبار لسليمان بوصول رسل بلقيس وهم يحملون
الهدية وأدرك سليمان على الفور أن الملكة أرسلت رجالها ليعرفوا معلومات عن
قوته لتقرر موقفها بشأنه ونادى سليمان في المملكة كلها أن يحتشد الجيش ودخل
رسل بلقيس وسط غابة كثيفة مدججة بالسلاح فوجئ رسل بلقيس بأن كل غناهم
وثرائهم يبدو وسط بهاء مملكة سليمان وصغرت هديتهم في أعينهم وفوجئوا بأن في
الجيش أسودا ونمورا وطيورا وأدركوا أنهم أمام جيش لا يقاوم ثم قدموا
لسليمان هدية الملكة بلقيس على استحياء شديد وقالوا له نحن نرفض الخضوع لك
لكننا لا نريد القتال وهذه الهدية علامة صلح بيننا ونتمنى أن تقبلها نظر
سليمان إلى هدية الملكة وأشاح ببصره ( فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ
أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم
بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ) كشف الملك سليمان بكلماته
القصيرة عن رفضه لهديتهم وأفهمهم أنه لا يقبل شراء رضاه بالمال يستطيعون
شراء رضاه بشيء آخر ( أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ) ثم
هددهم ( ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ
لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ )
وصل رسل بلقيس إلى سبأ وهناك هرعوا إلى الملكة وحدثوها أن بلادهم في خطر
حدثوها عن قوة سليمان واستحالة صد جيشه أفهموها أنها ينبغي أن تزوره
وتترضاه وجهزت الملكة نفسها وبدأت رحلتها نحو مملكة سليمان جلس سليمان في
مجلس الملك وسط رؤساء قومه ووزرائه وقادة جنده وعلمائه كان يفكر في بلقيس
يعرف أنها في الطريق إليه تسوقها الرهبة لا الرغبة ويدفعها الخوف لا
الاقتناع ويقرر سليمان بينه وبين نفسه أن يبهرها بقوته فيدفعها ذلك للدخول
في الإسلام فسأل من حوله إن كان بإمكان احدهم ان يحضر له عرش بلقيس قبل أن
تصل الملكة لسليمان فعرش الملكة بلقيس هو أعجب ما في مملكتها كان مصنوعا من
الذهب والجواهر الكريمة وكانت حجرة العرش وكرسي العرش آيتين في الصناعة
والسبك وكانت الحراسة لا تغفل عن العرش لحظة فقال أحد الجن أنا أستطيع
إحضار العرش قبل أن ينتهي المجلس وكان عليه السلام يجلس من الفجر إلى الظهر
وأنا قادر على حمله وأمين على جواهره لكن شخص آخر يطلق عليه القرآن الكريم
“الذي عنده علم الكتاب” قال لسليمان أنا أستطيع إحضار العرش في الوقت الذي
تستغرقه العين في الرمشة الواحدة واختلف العلماء في “الذي عنده علم
الكتاب” فمنهم من قال أنه وزيره أو أحد علماء بني إسرائيل وكان يعرف اسم
الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب ومنهم من قال أنه جبريل عليه السلام لكن
السياق القرآني ترك الاسم وحقيقة الكتاب غارقين في غموض كثيف مقصود نحن
أمام سر معجزة كبرى وقعت من واحد كان يجلس في مجلس سليمان والأصل أن الله
يظهر معجزاته فحسب أما سر وقوع هذه المعجزات فلا يديره إلا الله وهكذا يورد
السياق القرآني القصة لإيضاح قدرة سليمان الخارقة وهي قدرة يؤكدها وجود
هذا العالم في مجلسه هذا هو العرش ماثل أمام سليمان تأمل تصرف سليمان بعد
هذه المعجزة لم يستخفه الفرح بقدرته ولم يزهه الشعور بقوته وإنما أرجع
الفضل لمالك الملك وشكر الله الذي يمتحنه بهذه القدرة ليرى أيشكر أم يكفر
تأمل سليمان عرش الملكة طويلا ثم أمر بتغييره أمر بإجراء بعض التعديلات
عليه ليمتحن بلقيس حين تأتي ويرى هل تهتدي إلى عرشها أم تكون من الذين لا
يهتدون كما أمر سليمان ببناء قصر يستقبل فيه بلقيس واختار مكانا رائعا على
البحر وأمر ببناء القصر بحيث يقع معظمه على مياه البحر وأمر أن تصنع أرضية
القصر من زجاج شديد الصلابة وعظيم الشفافية في نفس الوقت لكي يسير السائر
في أرض القصر ويتأمل تحته الأسماك الملونة وهي تسبح ويرى أعشاب البحر وهي
تتحرك تم بناء القصر ومن فرط نقاء الزجاج الذي صنعت منه أرض حجراته لم يكن
يبدو أن هناك زجاجا تلاشت أرضية القصر في البحر وصارت ستارا زجاجيا خفيا
فوقه يتجاوز السياق القرآني استقبال سليمان لها إلى موقفين وقعا لها
بتدبيره : الأول موقفها أمام عرشها الذي سبقها بالمجيء وقد تركته وراءها
وعليه الحراس والثاني موقفها أمام أرضية القصر البلورية الشفافة التي تسبح
تحتها الأسماك لما اصطحب سليمان عليه السلام بلقيس إلى العرش نظرت إليه
فرأته كعرشها تماما وليس كعرشها تماما إذا كان عرشها فكيف سبقها في المجيء
وإذا لم يكن عرشها فكيف أمكن تقليده بهذه الدقة قال سليمان وهو يراها تتأمل
العرش : أهكذا عرشك قالت بلقيس بعد حيرة قصيرة : كأنه هو قال سليمان : (
وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ ) توحي عبارته
الأخيرة إلى الملكة بلقيس أن تقارن بين عقيدتها وعلمها وعقيدة سليمان
المسلمة وحكمته إن عبادتها للشمس ومبلغ العلم الذي هم عليه يصابان بالخسوف
الكلي أمام علم سليمان وإسلامه لقد سبقها سليمان إلى العلم بالإسلام بعدها
سار من السهل عليه أن يسبقها في العلوم الأخرى هذا ما توحي به كلمة سليمان
لبلقيس أدركت بلقيس أن هذا هو عرشها لقد سبقها إلى المجيء وأنكرت فيه أجزاء
وهي لم تزل تقطع الطريق لسليمان أي قدرة يملكها هذا النبي الملك سليمان
انبهرت بلقيس بما شاهدته من إيمان سليمان وصلاته لله مثلما انبهرت بما رأته
من تقدمه في الصناعات والفنون والعلوم وأدهشها أكثر هذا الاتصال العميق
بين إسلام سليمان وعلمه وحكمته انتهى الأمر واهتزت داخل عقلها آلاف الأشياء
رأت عقيدة قومها تتهاوى هنا أمام سليمان وأدركت أن الشمس التي يعبدها
قومها ليست غير مخلوق خلقه الله تعالى وسخره لعباده وانكسفت الشمس للمرة
الأولى في قلبها أضاء القلب نور جديد لا يغرب مثلما تغرب الشمس.
ثم
قيل لبلقيس ادخلي القصر فلما نظرت لم تر الزجاج ورأت المياه وحسبت أنها
ستخوض البحر ( وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ) حتى لا يبتل رداؤها نبهها
سليمان دون أن ينظر ألا تخاف على ثيابها من البلل ليست هناك مياه ( إِنَّهُ
صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ ) إنه زجاج ناعم لا يظهر من فرط نعومته
اختارت بلقيس هذه اللحظة لإعلان إسلامها اعترفت بظلمها لنفسها وأسلمت (
مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) وتبعها قومها على الإسلام
أدركت أنها تواجه أعظم ملوك الأرض وأحد أنبياء الله الكرام يسكت السياق
القرآني عن قصة بلقيس بعد إسلامها ويقول المفسرون أنها تزوجت سليمان بعد
ذلك ويقال أنها تزوجت أحد رجاله أحبته وتزوجته وثبت أن بعض ملوك الحبشة من
نسل هذا الزواج ونحن لا ندري حقيقة هذا كله.
عاش سليمان وسط مجد
دانت له فيه الأرض ثم قدر الله تعالى عليه الموت فمات ومثلما كانت حياة
سليمان قمة في المجد الذي يمتلئ بالعجائب والخوارق كان موته آية من آيات
الله تمتلئ بالعجائب والخوارق وهكذا جاء موته منسجما مع حياته متسقا مع
مجده جاء نهاية فريدة لحياة فريدة وحافلة لقد قدر الله تعالى أن يكون موت
سليمان عليه الصلاة والسلام بشكل ينسف فكرة معرفة الجن للغيب تلك الفكرة
التي فتن الناس بها فاستقرت في أذهان بعض البشر والجن كان الجن يعملون
لسليمان طالما هو حي فلما مات انكسر تسخيرهم له وأعفوا من تبعة العمل معه
وقد مات سليمان دون أن يعلم الجن فظلوا يعملون له وظلوا مسخرين لخدمته ولو
أنهم كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين كان سليمان متكئا على
عصاه يراقب الجن وهم يعملون فمات وهو على وضعه متكئا على العصا ورآه الجن
فظنوا أنه يصلي واستمروا في عملهم ومرت أيام طويلة ثم جاءت دابة الأرض وهي
نملة تأكل الخشب وبدأت تأكل عصا سليمان كانت جائعة فأكلت جزء من العصا
استمرت النملة تأكل العصا أياما كانت تأكل الجزء الملامس للأرض فلما ازداد
ما أكلته منها اختلت العصا وسقطت من يد سليمان اختل بعدها توازن الجسد
العظيم فهوى إلى الأرض ارتطم الجسد العظيم بالأرض فهرع الناس إليه أدركوا
أنه مات من زمن تبين الجن أنهم لا يعلمون الغيب وعرف الناس هذه الحقيقة
أيضا لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ما لبثوا يعملون
وهم يظنون أن سليمان حي بينما هو ميت منذ فترة بهذه النهاية العجيبة ختم
الله حياة هذا النبي الملك.